الجزائر بمطالبتها لمجلس الأمن الدولي أن يكون لإفريقيا مقعدين دائمين فإن طلبها سيسفر عن ملاحظات كبرى على هذا النحو:
1- الجزائر بذلك تريد بطريقة غير مباشرة وضع قدم لها في مجلس الأمن رفقة الخمسة الكبار (أمريكا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا)، لأنها منطقيا هي الأكثر تأهيلا لذلك المنصب رفقة كل من (مصر، والمغرب، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا) للمعايير الآتية: القوة العسكرية، المساحة الجغرافية، الأداء الاقتصادي.
2- الجزائر بذلك تريد تحطيم قاعدة استراتيجية هامة جدا هندسها الخبير الاستخباراتي الأمريكي (جورج فريدمان_ George freidman) في كتابه (العقد المقبل: الجمهورية والإمبراطورية في عالم متغير) بعنوان: "إفريقيا: قارة يجب تركها في حالها"، حيث أنه أراد تكريس السيطرة الأمريكية على العالم بشكل امبراطوري غير معلَن في العشر سنوات الممتدة من (2011 إلى 2021م) مع إبعاد أكبر قدر من الأزمات عن إفريقيا، ولكن الجزائر إذا استطاعت دفع دولتين إفريقيتين لتكونا في مجلس الأمن الدولي، وبالأخص إذا كانت هي واحدة منهما، فإن ذلك يعني تغيرا عميقا في مفاصل النظام الدولي الجديد من ناحيته الأمنية لإقامة (نظام عالمي جديد آخر) بمفاهيم أخرى أكثر توازنا. وهنا فالنتيجة هي أن قارة إفريقيا ستجد نفسها مضطرة للدخول بقوة في الحركية الجديدة للمتغيرات العالمية، وقد يحدث -من الزاوية الحضارية- ما يسميه الأستاذ (مالك بن نبي) في كتابه "الفكرة الآفروآسوية" أن (النفس العذراء الإفريقية) ستخرج من طور (ما قبل الحضارة إلى طور الحضارة) كما وصف ذلك في كتابه الآخر "شروط النهضة".
3- إذا قوبل طلبها بالقَبول فهذا يعني عودة غير مباشرة لتيار دول عدم الانحياز باعتبارها من أهم فاعليه وهذا من أجل إقامة توازن دولي.
4- استراتيجيا سيكون هناك أخطر تحول في تاريخ مجلس الأمن الدولي وهو أنه في حالة قبول مقعدين دائمين لإفريقيا، وتكون الجزائر عضوا فيه، فإن هذا يعني أن الثقل الاستراتيجي سيتوجه نحو آسيا باعتبار أن الجزائر حليف تقليدي لكل من روسيا والصين وعدو تقليدي لفرنسا. وهنا سيكون حق النقض (الفيتو) في صالح الدول الشرقية بشكل أكبر. وفي هذه الحالة فإن الحل عند الغربيين من أجل مواجهة هذا التخوف هو القيام بعملين: محاولة إقصاء الجزائر من أن تكون عضوا في مجلس الأمن في حالة إنشاء مقعدين دائمين لإفريقيا، أو محاولة إقامة التوازن عبر العمل على جعل عضو واحد على الأقل من إفريقيا حليفا دائما للغرب، ليكون المجلس مكونا من سبعة دول، أربعة منها ذات توجه غربي.
علينا التفكير والنظر من نفس الزاوية التي ينظر منها كبار السياسة العالمية حتى نفهم ونعرف الأبعاد الاستراتيجية لحركيتنا.
#الطالب_نبيل_كحلوش
(باحث في الدراسات الإستراتيجية وبناء السّلم)